مدونة دواير

صاحت الزيتونة الثكلى تنادي البندقية


فلسطينية تبكي

الشاعر المصري المستشار حسين نجم رجل من رجال القانون، وأحد كبار الشعراء فى مصر والعالم العربي، وصوت شعري متميز. يكتب الشعر منذ أواخر الأربعينات حين كان شاباً يسهم بنشاطه مع جماعة أبولو برئاسة الدكتور إبراهيم ناجي، ولـه عدد من الدواوين. وقد واكب شعره الأحداث وتطور مع الزمن رؤية وأسلوباً. وفي السنوات الأخيرة كانت قصائده فى صحف الدوحة بمثابة ناقور يحاول إيقاظ النائمين، الذين لم تفلح البلايا المتتالية المنصبة على رؤوسهم فى إخراجهم من غطيطهم المتواصل! رأى ما يحدث على الساحة الفلسطينية اليوم من فتن تجعل الحليم حيراناً. هذه الفتن ألهبت مشاعره، فكتب هذه القصيدة التي نشرتها له جريدة الراية القطرية. فكتب يقول

 صاحت الزيتونة الثكلى تنادي البندقية
إن ما ينزف.. في غزة والضفة.. شريانُ القضية
.. وارتمي طفلٌ على جرح أبيه
باكياً.. ينزف.. كالجرح.. أسى..
حين رأي الجرحَ عقيماً وغبيّا..
عاطلا من زهوة البذل ونور التضحية..
لم يجد في الجرح عطراً
لم يجد في الجرح فخراً..
ورأي.. في جوفه.. بعضَ صديد
الفتنة الحمقاء ما بين الفصائل ..
ورأي حاضَرنا الذاهل
مصلوباً على الأفق الحزين..
وشموساً تتهاوى من سماوات الحقيقية..
ليسود الزيفُ.. ليلاً خائناً..
ترتاده الأشباح والغيلان
تعوي بدعاوي كالخناجر..
وسُعارٍ للمجازر..
إيه.. يا وجدانيَ الصامد..
أين الأمل المحفور بالنار وبالإصرار..
أين الحلُم الماجد بالأرض من النهر الي البحر
وقد عادت.. كما الطفل.. إلي حضن العروبة؟
.. أتُرى الحلم يهاجر؟
أمْ تري بعناه بالكابوس.. في سوقٍ
به كلُّ فريق.. ما عدا الطاغوت.. خاسر؟
أم لعل الأرض من نهر إلى بحر..
ومن حيفا.. إلى يافا.. إلى غزة
يكويها الدم النازف.. في محرقة الفتنة..
كيَّ النار للجرح.. فيصحو..
في شرايين الزمان المبتلي والأرض..
ما يكنزه القهر وعُمق الدهر
من زلزلةٍ كبرى
ترد الشرق للشرق
وتنضو خَبَثَ الغرب وأدران التآمر؟
.. وبكفِ الدهر حصباءُ من اللد..
من الرملة.. من حيفا.. ومن يافا..
يشمُّ الزمن الحاذق.. فيها..
عطرَ أنفاس العروبة..
لم يَزْل.. كالمسك.. حيّاً..
لم يزل.. في الأفُق الراصد..
فوّاحاً.. عفِياً..
لم يزل.. مهما طغت أنفاسُ شارون
وبيريز.. وباراك.. وشيلوك..
ومهما ذاع رجس الفتنة الهوجاء
ما بين رجالٍ كلُّهم يقسم إن القدس في مهجته..
وهو.. بالغفلة.. باسم القدس..
يُهدي.. لبني صهيون.. مفتاحَ نعيمٍ
من عُتوٍ دون كاسر..
.. أيها الطفل الذي تصرخ.. في أعماقه..
حسرةُ أجيال وآهاتُ عقود من نضال
بعثرتها.. مزّقت أوصالها.. فتنةُ قومٍ
أدمنوا أيام غبراءَ وداحس ..
خَلِّ عنك القهرَ والحسرة..
فالتاريخ لا تصنعه ساعة نحس..
إنما يصنعه التيار في عمق بحارٍ
من تصاريف الزمن..
ملايين من الأنجمُ.. في أفلاكها..
تشهد.. في صبر دؤوب.. دورةَ الدهر
تشق الباطلَ الصلد لكي تحفر للحق طريقا
وتردّ اليأسَ.. في قاموسنا..
عهداً علي النصر وثيقاً..
.. أيها الطفل.. وراء الدمع..
هذي عينُك الصافيةُ.. البلُّورة المسحورة..
الحُبْلي بأسفار بلا حصر..
وأشواقِ إلى فجر..
فماذا يحتمي فيها من الغيب المسافر؟
.. بلدَ الزيتون والقدس وحطّين
ومأوي ألف نصر.. ألف فخر للعروبة
كم من الأنهار في جوفك يجري
.. في خفاء.. بدماء الشهداء الأوفياء..
من أراقوا العمرَ في كأس نضال
يستقي منه الجهادُ الحقّ ضد الطامعين
.. في رهانٍ واحد للصامدين
وحدتهم فيه راياتُ الفداء؟
.. هذه الأنهار.. في الأعماق.. وعدُ
هذه الأنهار عهدُ
هذه الأنهار إكسيرُ خلود
ترتوي منه عروق المهرة الغضبي.. فلسطين
فتُلقي.. في غدٍ.. عن ظهرها
.. مهما يئسنا..
كلَّ باغٍ يعتليها من ركام الغاصبين..
فهي لم تألف.. علي صهوتها..
غير صناديد وفرسان العروبة..
حينما كانوا.. وكان الأكرمون..
.. وبكي الطفل على صدر أبيه..
إنما الدمع على عينيه
مرآةُ غدٍ أكرم مما يجمعون

June 21, 2007 - Posted by | سياسة ووجع دماغ

No comments yet.

Leave a comment