مدونة دواير

لو كان عمو مش طيب


ماشي في الشارع وكنت معدي جمب مستشفى بولاق الدكرور العام. فكان فيه شوية عيال بيلعبوا كورة. أكبرهم ميعديش 12 سنة. واحد منهم وقفني وقاللي: “عمو عمو، الواد ده خبط الكورة في القزاز اللي فوق وكسرو، وبيشاورلي لفوق، عشان أبص”. وبما إن الواحد وهوة صغير ياما عمل المقالب دي في الناس، فكنت عارف إنها اشتغالة. قلت للواد: “وانت عايزني أعمل إيه؟”. قام قاللي: “بس شوف الإزاز اتكسر إزاي”، وبيشاورلي برضو لفوق. قمت قايللو: “ماشي يا حبيبي، بس برضو عايزني أعمل إيه؟ هوه إزاز بيتنا يعني؟”، فالواد اتكبس وقمت سايبه ومشيت، واصحابه كانوا بيضحكوا عليه

أكبر واحد فيهم قال للولد اللي عمل مشروع الاشتغالة السابق ده: “لو كان عمو مش طيب، كان ضربك”. ركزت في الجملة دي، ورغم إنها بسيطة بس قعدت أمخمخ فيها شوية وأنا ماشي. الولد الكبير كرر الجملة دي تاني مرة واتنين. ومع كل مرة بيقولها، كان عدم ارتياحي بيزيد. مبقتش عارف طيب دي معناها أهبل وعبيط، ولا معناها كويس؟ هوة يعني بيشتمني ولا عادي؟ الجملة نفسها مكنتش مريحاني، وفي نفس الوقت مش عارف أحدد رد فعل جوايا. بصراحة الواحد مبقاش عارف لما حد يقوللو إنت طيب يعمل إيه. مش يمكن يكون قصدو أهبل وعبيط، والواحد من طيبته (عبطه) بيفسر الكلمة دي بمعنى تاني كويس؟ الحكاية زيها زي حكاية الفرخة والبيضة، مين فيهم الأول

بقيت عايز أرجعلهم وأكشر عن أنيابي، وأقول: “أنا مش طيب! أنا شرير! بس هعديهالكو المرة دي! بس أنا شرير!”. في الآخر منفذتش الرغبة دي، وكملت طريقي، وفضلت أقول لنفسي: “ياترى لو فعلاً عمو مكانش طيب، كان هيعمل إيه؟؟”. إنتو إيه رأيكو

July 9, 2007 Posted by | يوميات وجوانيات | Leave a comment

عمرو زكي يتعرض للضرب


 قريت في جريدة المصري اليوم خبر عن تعرض نجم الزمالك ومنتخب مصر عمرو زكي للاعتداء من جماهير الأهلي. الخبر بيقول إن مشجعين شايلين أعلام الأهلي كانوا متربصين بعمرو زكي بعد خروجه من الاستاد، في نهاية حفل تسليم الكأس والميداليات. واعتدو عليه داخل عربيته، مما أدى لإصابة في ذراعه وكسر زجاج العربية وكسر تليفونه المحمول. لحد هنا الخبر انتهى، بس تعالو نحللو

الشيء الملاحظ إن الخبر جرى التكتم عليه بصورة غريبة جداً، والجريدة الوحيدة اللي نشرتو هيا جريدة المصري اليوم، ونشرتو في زاوية صغيرة جداً. في المقابل عايزكو تتخيلوا لو إن الموقف ده حصل مع لاعب في الأهلي زي أبو تريكة ولا متعب، تخيلوا إيه كان هيحصل. كان الموضوع جرى تغطيتو بصورة فجة ومملة في كل وسائل الإعلام. مع استغلال الحادث في تشويه صورة جماهير الزمالك. والتأكيد على إن نادي الأهلي هوه نادي المباديء والأخلاق. وإن جمهوره مستحيل يعمل زي جمهور الزمالك

ممكن يطلعلنا واحد عبيط ويقول واش جاب عمرو زكي لابو تريكة. وهيرفض في عقله الباطن إنو يقارن بين الموقف بتاع عمرو زكي والموقف بتاع تريكة لو حصل. ده بسبب إن جمهور الأهلي مش متخيل إن فيه نجوم غير نجومه. وأي حد تاني هوه نجم، بس أول لما يلبس فانلة تانية مش حمرا، يتحول بقدرة قادر لشخص عادي

عموماً يعني. مفيش زملكاوي زعلان من الموقف ده. لإن نسبة كبيرة من جمهور الأهلي عودتنا على الأفعال اللي زي دي. وشيء طبيعي إن نجم محترم وكبير زي عمرو زكي مش هيحط في دماغه حادثة تافهة زي دي من مشجعين تافهين. ومش هيصعد الموضوع، لإننا كلنا عارفين ومتأكدين إن الإعلام في بلدنا كلو أحمر. ومهما عملنا الموضوع هيتغطى عليه

الكلمتين دولا معمولين عشان سبب واحد بس. عشان كل لما نقول للأهلاوية إن الإعلام أحمر يقولوا إزاي؟ وإيه الدليل؟ الدليل أهو. ومن وقت للتاني هجيب أمثلة تثبت إن الإعلام في مصر متحيز للأهلي. الغريب بقى إن فيه ناس بتشجع الأهلي شايفين إن ده أمر طبيعي وعادي. وده لوحدو دليل على تخلف الجماهير دي. لإن المنطق بيقول إن فيه مهن معينة ومنها الصحافة والإعلام، لازم اللي بيقوموا عليها يبقوا محايدين، ومهما كانت انتماءاتهم لازم يحافظوا على حيادهم. بس هنعمل إيه جهل بقى

July 6, 2007 Posted by | زمالك يا حبي | Leave a comment

التحرش بالأطفال


هقول الخبر الأول وبعدين التعليق

واقعة غريبة شهدتها منطقة المنتزه حينما قام عامل بطعن جارته التي تكبره بعشر سنوات لاعتقاده أنها تتحرش بطفله الصغير بعد أن كانت تتحرش به وهو طفل. كانت شرطة النجدة قد تلقت بلاغاً بوجود سيدة مصابة أعلي سطح عقار بمنطقة العصافرة قبلي. بالمعاينة تبين وجود فريال. ع.أ 39 سنة، مصابة بثلاث طعنات نافذة بالجنب والصدر والظهر ويقف بجوارها جارها رمزي. أ 29 سنة، وهو يمسك بسكين مردداً أنه انتقم لشرفه. تبين من التحريات أن المصابة مطلقة واعتادت الصعود إلي غرفة بسطح العقار الذي يقطنه مع الطيور التي تربيها. وأمام أحمد محمود رئيس نيابة المنتزه اعترف المتهم بارتكابه للجريمة مؤكداً علي أنه كان يبحث عن نجله الطفل الذي يبلغ من العمر خمس سنوات فعثر عليه أعلي السطح وهو في حالة اعياء ثم فوجئ بخروج جارته المجني عليها خلف الطفل، فثارت ثائرته لاعتقاده بأنها استدرجت طفله لتقوم بالتحرش به مؤكداً أنه يعاني من عقدة نفسية منها، لأنها كانت تتحرش به وهو طفل أيضاً، بالرغم من أن فارق العمر بينهما عشر سنوات فقط. أضاف أنه لم يشعر بنفسه وإلا وهو يقوم بإحضار سكين للانتقام منها حتي لا تقترب من طفله مرة أخرى. بسؤال المجني عليها أنكرت التهمة المنسوبة إليها وبررت أن ما حدث بسبب خلافات في الجيرة ولم تبرر نوعية هذه الخلافات. فقررت النيابة حبس المتهم أربعة أيام علي ذمة التحقيق والتحفظ علي السلاح المستخدم في الجريمة. المصدر: جريدة المساء

التعليق: لما قريت الخبر ده، كان أول شيء يخطر ببالي، موقف صاحبي حكاهولي عن واحدة كانت بتتحرش بيه وهوة طفل. واحدة أكبر منو بأكتر من 10 سنين. ومواقف زي دي بتحصل كتير لأطفال ولاد، والناس نايمة عنها. صياغة الخبر توحي بإن الموضوع مش حقيقي، وبإن الراجل بيتهيألو. وتعامل الأمن مع الموضوع هيكون منطلق من نفس المنطق. منطق إنو مستحيل حاجة زي كده تحصل. ولكوا أن تتخيلوا لو أن عكس هذا الموقف هوه اللي حصل. يعني واحد كبير يتحرش بطفلة أصغر منو بعشر سنوات. الدنيا هتقوم ومش هتقعد. والراجل هياخدلو فيها مش أقل من 10 سنين سجن، وهيطلعلنا ناس يطالبوا بإعدامه. وتطلعلنا برامج الفيمينيزم تزن على ودانا ليل نهار قد إيه الرجالة دولا حيوانات متوحشة، وإنهم ذئاب جائعة مستعدة تلتهم كل شيء حتى الأطفال الصغيرين. لكن تعالوا شوفو موقف زي اللي في الخبر ده، إيه هيبقى رد فعل الناس عليه. لا شيء. والسبب إن مجتمعنا رافض رفض قاطع إنو يرسم ولو مجرد صورة في خياله لواحدة بتتحرش بواحد، أو ست كبيرة بتتحرش بطفل. ولو الصورة دي اترسمت، بتترسم على استحياء وتردد. مع التكرار الممل والفج بإن الموضوع حالة شخصية ونادرة جداً. في مقابل تحرش الرجالة اللي بقى حاجة عامة في نظرهم. المجتمع بينهار على جميع المستويات، وفيه أسرار كتيرة مستخبية ومحدش عارفها، ومعظمها منبعو إن الرجالة مش عايزة تتكلم. فيه كوارث أخلاقية بتحصل على جميع المستويات ومن كل الأطراف. ولكن الناس مصرة على إنها تغمض عينيها وتبص للقضية من جانب واحد. أعيد تاني وأكرر، قضية تحرش ستات كبار، بأطفال، هي قضية شائعة. وأزيد وأقول، شائعة جداً جداً. وتسبب تشويه نفسي للطفل تنعكس عليه في المستقبل. ويرجعوا ويقولوا، هما الرجالة جرالهم إيه؟ وكأن المتحرش يولد متحرش من بطن أمه

مفيش حد مستعد إنو يوسع نظرتو ويبص من منظور أوسع على المجتمع وانهياره الأخلاقي من كل الزوايا التانية. وبغض النظر عن أنواع التحرش الأخرى. سأضرب مثال صغير بخصوص التحرش المتعلق ببنات الليل الذين يصادفون الشباب في كل مكان وزمان. هل تتوقع لو واحد شاف واحدة زي دي، وجت كلمته كلام مباشر وطلبت منو الشيء الفلاني “إكس”، هل تتوقعو إنو هيروح يبلغ عنها؟ يا جماعة ياللي وجعتوا دماغنا ليل نهار بموضوع التحرش، إيه رأيكو لو عرفتوا إن الواحد مننا مبيعديش يوم عليه إلا ويمر بموقف أو اتنين على الأقل بالشكل ده. أكرر تاني. مبيعديش يوم. وفيه مناطق معينة زي شارع جامعة الدول العربية، الواحد لو نزل يتمشى فيها هيقابل بنات من الأشكال دي مش أقل من عشرين بنت. و 5 منهم على أقل تقدير هييجوا ويتكلموا كلام مباشر ويطلبوا الشيء القذر ده. والشيء الغريب. إن البنات دولا بيتغيروا. يعني كل مرة ننزل المكان ده نلاقي أوجه جديدة. ده واقع قليلين جدا من الولاد بيتكلموا عليه أو يحبوا يحكو بخصوصو. لكنو واقع. وواقع أسود. ومع ذلك لسه الفيمينزمات مصرين على إن الرجالة كيت وكيت، مع التعميم الفج والمقزز على الكل. ومحدش منهم فكر وقال، ليه إحنا كمان من المواقف اللي بنشوفها يومياً منقولش على كل البنات، وعلى سبيل المثال إنهم “إكسز” كلهم، وبلا استثناء. مهو تعميم قصاد تعميم برضو

سؤال، وياريت حد يجاوب

July 5, 2007 Posted by | يوميات وجوانيات | Leave a comment

الحشمة قبل الحجاب. عن حجاب المانيكان أتحدث


 يؤمن كاتب هذه السطور بأن اللباس الشرعي للمرأة هو الذي يستر الجسم عدا الوجه والكفين، وتتحقق فيه شروط ثلاثة: ألا يصف ولا يشف ولا يكون زينة في ذاته يلفت إليها الأنظار، وأن هذه المواصفات ملزمة دينيا وينبغي على المرأة الاستجابة له أياً كان مسمى هذا اللباس وهيئته؛ ومن ثم فليس من همّ هذه المقالة الاشتباك قبولا أو رفضا مع “الحجاب” الذي صار عنوانا لهذا اللباس، كما لن تتطرق إلي الجدل النظري حول فرضيته، بل هي تسعى بالأساس إلى الاقتراب من روحه وفلسفته والتعرف على ما طرأ عليه من تحولات خرجت به عما شرع من أجله، ومن ثم تطرح -أخيرا- مقاربة مفادها أن الحشمة قبل “الحجاب” ومقدمة إليه

أزياء الأخوات

يلاحظ المتابع لتاريخ الدعوة الإسلامية الحديثة أنها لم تكن تجعل من الدعوة إلى الحجاب قضية محورية؛ وأنها تكاد تكون غائبة أو متأخرة في أجندة الحركة الإسلامية في العقود الأربعة الأولى لنشأتها منذ 1928 عندما أسس الإمام حسن البنا جماعة الإخوان المسلمين في مصر

ومن يراجع التاريخ الاجتماعي لحقبة الأربعينيات التي تمثل أوج حركة الإخوان المسلمين أو يراجع أرشيف الصور الفوتوغرافية لهذه الفترة سيفاجئ بأن ملابس “الأخوات المسلمات” والناشطات في العمل مع الإخوان لم يكن يجاوز في أفضل الأحوال “الإيشارب” الذي يغطي الرأس و”الجونلة” الطويلة. ولم تكن ملابس بنات ونساء الإخوان المسلمين -فضلا عن علماء الأزهر ودعاته- تختلف كثيرا عن ملابس المجتمع المصري المحافظ، بل كانت هناك بعض الأسر التقليدية في صعيد مصر وبعض المدن أكثر تشددا في أزياء النساء حتى كانت المرأة فيها ترتدي زيا تقليديا يسترها بالكامل عند خروجها من المنزل، وكان خروج المرأة وقتها نادرا.

لم تكن الدعوة الإسلامية تتكلم وقتها عن شكل أو نمط محدد للباس المرأة إلا ما كانت ترفضه من ملابس نساء النخبة والطبقات المترفة المستغربة التي كانت تقلد المستعمر وتتماهى معه؛ فكانت مكشوفة وفاضحة تخالف الشرع لما فيها من إظهار لما حرمه الله من فتنة المرأة ولما فيه من خروج على قيم الستر والاحتشام المستقرة عند المجتمع. ودون ذلك لم يكن هناك استقطاب حول الزي ولباس المرأة.. فغالبية المجتمع كانت نساؤه محتشمات يقترب لباسهن من مواصفات الحجاب الشرعي إذا ما أردنا توصيف الحشمة والستر في قائمة مواصفات مفصلة. وإن كان يصح في رأيي النظر إلى لباس المجتمع التقليدي باعتباره عين اللباس الشرعي

الابتذال الممنهج

زينب الغزالي من الأخوات المسلمات الأوائل تكتفي بالايشارب الأبيض. يؤرخ بنهاية الستينيات وعقد السبعينيات من القرن الماضي (العشرين) كبداية لانتشار ما صار يعرف بـ”الحجاب” وارتفاع الدعوة إليه على مدى واسع في بلد كمصر. في هذه الفترة كانت البلاد تعيش موجة واسعة للعري والابتذال، الممنهج أحيانا عبر التيارات اليسارية العلمانية، وهو ما ظهر جليا في الأعمال الفنية التي كانت تمثل خرقا وتعديا على ثقافة الستر والاحتشام التي تربى عليها المجتمع، وفي الفترة نفسها بدأت بواكير الصحوة الإسلامية التي تغذت من رافدين أساسيين: الرافد القطبي ذي الروح الانعزالية؛ المفارق للمجتمع والداعي لإعادة أسلمته من جديد (بعكس مشروع حسن البنا الداعي لاستكمال أسلمة المجتمع) والرافد الوهابي الحجازي الذي يقوم على سلفية شكلية تتعامل بتشدد في مسائل اللباس وتستحضر نموذجا محددا لما تعتبره لباسا شرعيا. في هذه الفترة بدأ يظهر ما عرف بـ “الحجاب”، وارتفعت الدعوة إليه لباسا شرعيا بل واللباس الشرعي الوحيد للمرأة المسلمة

لقد جرى تحول بالغ الأهمية مع الصحوة الإسلامية في عقد السبعينيات انتقلت معه الحركة الإسلامية في قضية لباس المرأة من خطاب يرفض العري والابتذال الذي يخرج عن قيم الستر والاحتشام التي عرفها المجتمع “المسلم” إلى خطاب آخر مختلف يسعى إلى تحديد الحجاب كلباس “شرعي” وحيد للمرأة يفترض أن تتجسد فيه كل القيم العليا التي يدعو الإسلام المرأة إلى الالتزام بها، وهو تحول جاء ضمن سعي “أيدلوجي” أوسع لبناء مجتمع بديل على أساس من الإسلام

لقد نشطت الحركة الإسلامية بأطيافها المختلفة في الدعوة إلى الحجاب في صورة معينة ومحددة، خلافا لما كان عليه النظر الفقهي والشرعي المستقر في أن أي لباس للمرأة مباح (أي: شرعي) طالما كان ساترا للجسد فلا يصفه أو يحدده، ولا يشف عما تحته، ولا يكون زينة في ذاته؛ أي لا يكون لافتا يمثل خروجا على الزي السائد والمقبول من المجتمع المسلم

الحجاب الإسكندراني

انتقلت الحركة الإسلامية من خطاب يرفض العري ” إلى خطاب آخر يسعى إلى توحيد شكل الحجاب. حاولت أن أتتبع تاريخيا الزمان الذي ظهر فيه الحجاب بصورته المتداولة بين الإسلاميين فرجحت أغلب الروايات أنه بدأ في منتصف السبعينيات بجامعة الإسكندرية التي كانت السلفية هي المهيمنة على الجماعة الإسلامية فيها، وربما كان هذا سبب شيوع صفة الحجاب “الإسكندراني” على هذا النوع من الحجاب الذي تم تعميمه فيما بعد -عبر الجماعة الإسلامية- على بقية الجامعات المصرية ومنها خرج إلى المجتمع المصري واستقر عنوانا وحيدا لللباس الشرعي

لم تعد المتبرجات السافرات الخارجات على الحشمة المتبرجات هن وحدهن المستهدفات بالخطاب الإسلامي الجديد في قضية اللباس؛ بل صارت كل فتيات ونساء المجتمع -ومنها المحتشمة التقليدية أو المحافظة- مستهدفة أيضا بهذا الخطاب الحاسم والقاطع في أنه لا لباس “شرعي” يجوز لهن إلا الحجاب بالمواصفات التي صاغتها الحركة الإسلامية من تصورها لما كان عليه لباس المؤمنات في زمان السلف الصالح: الحجاب الواسع الطويل المنمط ذو اللون الواحد الذي كان غريبا عن لباس المجتمع

لم يعد المطلوب من الفتاة أو المرأة أن تلتزم القصد في الملبس أو الاحتشام، وهو ما يمكن أن تجده في لباس أمها وجدتها المنتشر في الريف أو الصعيد أو العائلات التقليدية والمحافظة، بل صار عليها الدخول في لباس جديد لم يتأثر في شكله وطبيعته بأي من مؤثرات التاريخ والجغرافيا ولا تظهر فيه أي تعددية ثقافية أو اجتماعية.. إنه لباس وليد رؤية سلفية لا تاريخية مخاصمة للثقافة والتراث ومستعصية على فعل التاريخ.. تحيل إلى نموذج متخيل لا تاريخي في اللباس.. نموذج جرى تعميمه باعتباره اللباس “الشرعي” الوحيد؛ فصار يباع في الجامعات والمدارس والمساجد بأسعار رمزية لتيسير نشره، وكثيرا ما يتحول إلى هدية توسلية يتوجه بها إلى الفتاة المستهدفة بالدعوة

طوال عقدي السبعينيات جري ما أسميه بـ “أيقنة” الحجاب كشكل محدد للباس الشرعي للمرأة؛ أي تحويل الحجاب إلى أيقونة ترمز لمجموعة من القيم والأخلاق وتكاد تجسدها حصريا فضلا عن اختصاره لكل قضايا المرأة المسلمة التي تبدأ ولا تنتهي إلا به، لقد جرى الربط الشرطي والآلي بين ارتداء الحجاب وبين الأخلاق، بحيث صار الحجاب علامة وحيدة وحصرية على الأخلاق التي يفترض أنها تغيب بغيابه وتحضر بحضوره.. فصكت شعارات مثل: حجابك أخلاقك، حجابك عفتك، الحجاب فريضة كالصلاة، الحجاب قبل الحساب، الحجاب عفة طهارة نقاء، الحجاب عنوان حيائك

وكان الربط الآلي والشرطي بين شكل معين للباس وبين معاني الحياء والعفة والطهارة والنقاء جزءًا من سمة الاختزال والتسطيح التي غلبت على الخطاب الإسلامي الحركي ذي النفس الأيدلوجي الذي ساد حقبة السبعينيات والثمانينيات

لقد صار الحجاب اللباس الطبيعي والحصري الذي يميز الأنثى المسلمة، وتم تعبئته بحمولة شرعية وأخلاقية كبيرة حرم معها أي لباس آخر غير الحجاب، حتى ولو توفرت فيه الشروط التي استقر عليها النظر الفقهي التقليدي، كما نظر إلى الحجاب منفصلا عن الحشمة التي هي تحييد الأنثى لجسدها وأنوثتها في التعاملات والعلاقات التي يفترض أن تدور خارج ثنائية الذكر والأنثى مثل العمل والدراسة وخلافه.. ومن مفهوم أن يكون الحجاب هو أكثر ما يتحقق فيه هذا الحياد، لكن الواقع يقول إن هذا الحياد كثيرا ما تحقق في لباس آخر غير الحجاب كما نراه في لباس المرأة التقليدية أو المحافظة التي مازالت تتمسك بالاحتشام في الملبس والبعد عن الإثارة دون ارتباط بنظر فقهي معين

وعلى الرغم من أن هذا التحييد/ الاحتشام من المفترض أن تتوفر شروطه في المحجبات، فإن الواقع أن جزءًا ليس هينا من المحجبات (كما سنرى) يتصرفن كإناث يرغبن في إبقاء جمالهن ضمن المعادلة، بل أكثر من ذلك يرغبن في أن تتحكم الأنثوية في علاقات لا ينبغي أن تحضر فيها الأنوثة

أيقنة الحجاب

إن الذي جرى من جعل “الحجاب” أيقونة تجسد كل معاني الأخلاق والالتزام الديني كان سببا في غياب الفهم الصحيح للحجاب ومسيرته التي سرعان ما أصيبت بانتكاسة في السنوات الأخيرة سواء في معدلات انتشاره أو حتى في حمولته الدينية

لقد حالت “أيقنة الحجاب” دون فهم حقيقة أن الحجاب لم يكن يصلح يوما كمؤشر حقيقي ووحيد على قياس مدى تدين المجتمعات التي ينتشر فيها. فكثيرا ما كانت له دلالات لا صلة مباشرة لها بالتدين بقدر ما لها صلة بتحولات اجتماعية وسياسية جذرية تعيشها هذه المجتمعات دون أن يلغي ذلك حقيقة وجود دوافع دينية وراءه

فكثيرا ما كان الحجاب عنوانا على نزعة استقلال للفتاة أو المرأة التي دخلت عالم الحداثة لكن عبر بوابة التدين.. وهو ما جرى في مصر مثلا؛ حيث كثيرا ما كان الحجاب في حقيقته دليلا على استقلالية المرأة ورغبتها في التحرر من التقاليد؛ ومنها تقاليد اللباس سواء أكان سافرا خارج على الحشمة أو تقليديا محافظا

إن كثيرا ممن ارتدين الحجاب لم يكن دافعهن رفض السفور والتبرج فقط وهو ما يمكن أن يتحقق في اللباس التقليدي المحتشم مثلا، بل كان دافعهن الاستقلال والتحقق الذاتي أيضا.. فقد أضحت الفتاة المحجبة تتمتع في المجتمع بميزات لا تتمتع بها قرينتها المحافظة المحتشمة، مثل الدخول في النشاط الديني أو الحركي بما فيه معارضة السلطة، بل كثيرا ما نالت بسببه امتيازات لم تكن لقرينتها المحافظة التقليدية، مثل الخصوصية أو السماح بالتأخر عن البيت لضرورة العمل الدعوي أو الحركي.. لقد حصلت كثيرات من الفتيات عبر الحجاب على الثقة والاستقلالية والقدرة في مواجهة المجتمع بما أسس لهن من حقوق لم تحصل عليها الفتاة المحافظة الأكثر انصياعا لقيم المجتمع وتقاليده

وفي حالات أخرى كان الحجاب أقرب إلى تحصن بهوية مفترضة (أو اصطناع لها أحيانا) احتجاجا على التهميش والظلم الاجتماعي الذي تتعرض المرأة، كما يمكن فهم لجوء كثير من المسلمات في الغرب إلى الحجاب إعلانا لتحدي التهميش والظلم الذي تقوم به المجتمعات الغربية للمسلمين؛ فتعاملهم كمواطنين من الدرجة الثانية وربما الأخيرة

ومرات أخرى كان الحجاب إعلانا على الانضواء في مشروع أيدلوجي ديني جذري، مثلما يمكننا فهمه في تظاهرات الحجاب أثناء الثورة الإيرانية.. وأخيرا فقد يكون دلالة على الانصياع لضغوط الفضاء الاجتماعي الذي صار فيه الحجاب عنوانا على التدين كما سنعرض لاحقا

التدين والحجاب

صار الحجاب علامة وحيدة وحصرية على الأخلاق التي يفترض أنها تغيب بغيابه وتحضر بحضوره! إن أيقنة الحجاب كانت مسئولة أيضا وإلى حد كبير عن التحولات المأساوية التي أصابت الحجاب.. فقد أدى الربط الشرطي والآلي بين التدين والحجاب إلى أن يصير الحجاب وحده هو عنوان التزام الفتاة وتدينها. لقد صار الشكل (الحجاب) مقدما على المضمون (الستر والاحتشام) في تقييم تدين الفتاة وأخلاقها.. حيث تم تكثيف كل معاني الأخلاق والالتزام الديني (عفة، طهارة، نقاء) في الشكل / الحجاب. ثم جردت كل من تفتقد هذا الشكل من كل هذه المعاني الإيمانية والخلقية

انتشر الحجاب فيما مضي بوازع ديني (موجة تدين عام) قوّاه ما جرى من هذا الربط الشرطي والآلي، لكنه صار فيما بعد ضاغطا متحكما بل ومتسلطا في الفضاء الاجتماعي، بحيث أصبح عبئا شكليا لا حيلة أمامه إلا التحايل عليه والالتفاف أو التلاعب به، فصرنا أمام حالة أقرب إلى حالات النفاق، لقد تحول “الحجاب” من قناعة دينية إلى سلطة اجتماعية؛ فكان أن ابتلعه المجتمع وأعاد إنتاجه في صورة قد لا تكون له أدنى صلة بأصله

لقد أدت الرمزية التي اكتسبها شكل الحجاب إلى أن يصير متحكما في الفضاء الاجتماعي؛ فدخلت تحته مضطرة -لاكتساب شرعية الاعتراف بالتدين والأخلاق- قطاعات واسعة من الفتيات والنساء التزمن بارتدائه شكليا دون أي التزام بمضمونه ومبتغاه.. وهو ما انتهى تدريجيا إلى أن يتحول جهد هؤلاء الفتية والنسوة إلى التلاعب الحجاب والاشتغال على تفريغه من مضمونه، فظهرت أنواع من الحجاب لا صلة بينها وبين الحجاب “الشرعي”، بل ولا تتصل بأي سبب بمعاني الستر والاحتشام

بعكس الحشمة التي تركز على مخاطبة الضمير وتسعى لضبط سلوك الأنثى ذاتيا؛ صار الحجاب يركز على الانصياع الشكلي ويسعى إلى إرضاء الفضاء الاجتماعي الذي ترسخ فيه الربط الميكانيكي بين الحجاب وكل معاني التدين والتخلق، فصار على الفتاة أو المرأة أن تعتمد الصيغة الشكلانية المقبولة أو المفروضة اجتماعيا (في بعض الأحيان) دون تعمق في روحها أو تحقق لمقصدها، بل وقد تبالغ أحيانا فترتدي أشكالا بالغة التشدد من الحجاب (النقاب أو الحجاب المقارب للنقاب).. ثم تبدأ -بعد أن تكتسب شرعية الحجاب المجتمعية الذي يعطيها أحقية التحلل من مفهوم الحشمة- في اللعب بالأنوثة والجسد الذي ينطق بل ويصرخ من وراء الحجاب ورغما عنه، وساعتها يصبح على المجتمع أن يخوض معركة يجرب فيها من دون جدوى كل الوسائل لضبط هذه الأنوثة التي قررت أن تتحداه وتعلن عن نفسها من وراء الحجاب / الشكل الذي ألزمها به

حجاب التباهي

الموديل المحجبة، مهنة جديدة صاحبت حجاب التباهي. ولأنه صار أيقونة كان لا بد أن يتحول إلى سلعة في سوق العرض والطلب الذي سيتضمن ألوانا من الحجاب لا تتحقق فيها أي معاني الستر والاحتشام، ولا علاقة لها بالحجاب الذي بدأ وظل شرعيا حينا من الدهر

سيدخل الحجاب ضمن بيوت الأزياء التي تحوله إلى “موضة” تتجدد بلا توقف، وتجعل منه موضوعا للإثارة والجاذبية والمتعة التي لا تنضب، وسيعرف طريقه إلى الطبقات المترفة التي ستدخل به في صراع الاستهلاكية فيصبح موضوعا للترف والتباهي بعدما كان -في معظمه- لباسا للفقراء والزهاد والمقتصدين في السلوك والأخلاق.. سيعرف عالم الحجاب النقاب الخليجي الذي يلهب -بالعيون المكتحلة والرموش المصطنعة- خيالات المراهقين فتسافر بعيدا في الحلم بما تحت هذا النقاب، وسيدخله الإسبال الإيراني الذي يلفت الأنظار لصاحبته المتفردة قصدا بهذا اللباس في بيئة لم تعرفه من قبل فتصبح موضوعا للعيون التي تنتهبها وتجذب الأنظار أينما حلت وارتحلت على غير قصد الشرع في لباس المسلمة. بل وسيعرف الحجاب الذي ترتديه صاحبته مع الجينز المحكم على الجسد وربما الاستريتش الشفاف. بل وترتديه بعضهن مع لباس فاضح يظهر جزءًا من البطن يفصل ما بين نصفيها الأعلى والأسفل

ستكتمل الدائرة الاستهلاكية الجهنمية وتظهر “المانيكان” المحجبة التي تحترف عروض أزياء المحجبات التي تدمنها نساء النخبة، وستظهر “الموديل” المحجبة التي تملأ صورها الصحف والمجلات وإعلانات الحائط تروج لأزياء مختلفة للمحجبات.. بل وستظهر “الموديل” المحجبة التي تغني وترقص بالحجاب في كليبات الأغاني الشبابية.. لقد تكونت على “الحجاب” سوق وتجارة وعرض وطلب بما جعله سلعة و أدخله في منطق السوق، وهو منطق لا بد أن يخرج به من عالم القيم (الستر والقصد في اللباس) إلى عالم الأشياء؛ حيث كل شيء سلعة في سوق

الستر والتبرج

مع “حجاب الشكل”. ظهرت “المانيكان” المحجبة التي تحترف عروض أزياء المحجبات التي تدمنها نساء النخبة! أتصور أن الخطاب الإسلامي في مسألة لباس المرأة يجب أن يعود من جديد إلى عالم القيم وينفصل تماما عن عالم الأشياء، فيبعد عن الشكل (الحجاب) ويركز في مقاربته على المضمون (الستر والاحتشام). ولا يجب أن تكون المواجهة بين الحجاب وغيره من اللباس، وإنما بين قيمة الستر والحشمة وبين التهتك والتبرج والإثارة والتلاعب بالجسد، وهو ما لم يمنعه الحجاب الخالي من الاحتشام

الحشمة والستر هي روح ما قرره العلماء في مواصفات لباس المرأة؛ من أنه ينبغي ألا يصف ولا يشف ولا يكون زينة في ذاته.. وفي الأخيرة تشديد على أن جزءا من شرعية اللباس ألا يكون لافتا للأنظار مثيرا للانتباه متآلفا مع المجتمع وهو ما يتحقق في الاحتشام وقد لا يتحقق في أشكال الحجاب التي تمثل خروجا على المألوف والمستقر من لباس المجتمع كما هو الحال في الإسدال الإيراني في بلد كمصر تنتشر فيه الطرحة التقليدية، أو النقاب الخليجي في مجتمع كالمغرب تنتشر فيه أنواع من اللباس التقليدي المحتشم كالجلابة

الحشمة مفهوم أوسع من مجرد الشكل / الحجاب، ومظلته أشمل من مجرد المتدينين / الإسلاميين، بل ويمكن أن تتسع لغير المسلمين أيضا؛ فرفض التهتك والإثارة واللعب بالجسد ليس خاصا بالمسلمين فقط، بل يمكن أن تلتقي عليه تيارات مختلفة من أديان وثقافات شتي في العالم ما زالت تبحث عن الإنسانية وترفض تحويل الإنسان إلى جسد يتحول إلى سلعة في ثقافة الاستهلاك والمتعة التي غزت العالم وكادت تخنق عالم الإنسان فيه

إن تحول الخطاب الإسلامي إلى مقاربة الاحتشام بدلا من الحجاب سيفتح بابا لتوسعة مجال الخطاب الإسلامي ومداه بحيث يصبح أكثر انفتاحا على القيم الإنسانية محل الاتفاق؛ فيحول اللباس الإسلامي من لباس ديني إلى لباس إنساني تلتقي عليه الإنسانية في معركتها مع الابتذال والتهتك

هذا المقال للأستاذ حسام تمام، الصحفي والباحث المصري. وقد وجدته في موقع مكتوب، وأعجبني محتواه، وأردت مشاركته لأكبر قدر من الناس. رابط آخر للمقال، من موقع مركز دراسات الظاهرة الأسلامية

http://www.islamismscope.com/index.php?art/id:491

المقال منقول كما هو، مع بعض الرتوش البسيطة، وتعديل التنسيق ليتواءم مع نسق المدونة. وتحية واجبة للصحفي والباحث المتميز حسام تمام على هذا المقال المعبر أشد التعبير عن واقع الحجاب في مجتمعنا المصري

July 4, 2007 Posted by | إسلاميات | Leave a comment

أغنية مرجان أحمد مرجان


July 3, 2007 Posted by | فرفشة ودندشة | Leave a comment

جراج ببغداد لتبادل الركاب الشيعة والسنة


جراج ببغداد لتبادل الركاب الشيعة والسنة..

جلس السائق الشيعي باسم محمد إلى جوار شاحنته التي يكسوها التراب في جراج الأصدقاء، وهو محطة غير رسمية في بغداد حيث تجري مبادلة الركاب والبضائع وفق انتمائهم الطائفي. وبعد فترة وجيزة ظهر أبو علي وهو مسن شيعي أجبره مسلحون على ترك منزله في منطقة أبو غريب التي تسكنها أغلبية سنية وكان يستقل شاحنة مكشوفة تكدست أمتعته في صندوقها

وكان سائقه السني خائفاً بشدة من المجازفة بدخول الضاحية التي تسكنها أغلبية شيعية والتي سيعيش بها أبو علي مع أقارب له ولذلك أتى به إلى جراج الأصدقاء. وقال أبو علي الذي كان يرتدي ثوباً بالياً بني اللون بينما كان يراقب العمال الذين كانوا يقومون بتحميل الطاولات والمقاعد والفراش وغيرها من المتعلقات على سيارة محمد: خشيت أن يقتلوا أبنائي الخمسة لذا قررت الانتقال. وأضاف بينما الدمع يترقرق على وجهه الذي بدت عليه علامات الشيخوخة: اضطررت لاستخدام نقطة التنقل هذه لأن السائقين لا يمكنهم المخاطرة بدخول مناطق قد يقتلون فيها. لا يوجد فرق بيننا، شيعة وسنة. لا أفهم شيئا

وأسس الخليفة العباسي المنصور بغداد التي يسكنها حاليا سبعة ملايين نسمة قبل نحو 1200 عام على ضفتي نهر دجلة وكان يسكنها في أغلب تاريخها طوائف وأديان مختلفة. غير أنه منذ تفجير مرقد شيعي في مدينة سامراء في فبراير شباط 2006 أعاد العنف الطائفي تشكيل تركيبتها السكانية وتسبب في ظهور مناطق طائفية. وينتقل العرب السنة على نحو متزايد في الوقت الحالي للعيش في الجانب الغربي من العاصمة فيما يعيش الشيعة في الشرق. وأقام سائقو الشاحنات الجراج كنقطة لتبادل الركاب الفارين من التوتر الطائفي وأيضا من أجل تبادل البضائع القادمة من سوريا والأردن عبر محافظة الأنبار التي تسكنها أغلبية سنية والمتجهة الى أسواق الجملة الموجودة في المناطق الشيعية في بغداد

ويقول السائقون السنة والشيعة الذين يعملون في الجراج الذي يقع على المشارف الغربية للعاصمة ويقدر عددهم بالعشرات، إنهم يتجنبون الخوض في أحاديث ساخنة بخصوص القضايا السياسية ويحتفظون بعلاقات جيدة مع بعضهم بعضاً. وبدأ محمد العمل في الجراج بعدما أجبر هو نفسه على الفرار من منطقة تسكنها أغلبية سنية تقع خارج بغداد مباشرة. وقال محمد خلال استراحة قصيرة بعد تحميل متعلقات أبو علي: لا توجد مشكلات بين السائقين. نأكل سوياً وعلاقاتنا جيدة. ويقع الجراج على طريق سريع رئيسي على مشارف حي الغزالية الذي تسكنه أغلبية سنية. ويقوم جنود عراقيون بحراسة مدخليه لحمايته من هجمات المتشددين. وتتحرك السيارات في اتجاه عكسي مع بعضها لتسهيل عمليات إنزال الحمولات

وفي الوقت الذي يوفر فيه الجراج وسيلة للتوجه الى أي مكان بهذه المدينة المقسمة الى حد كبير إلا أن بعض السائقين يتحسرون على عدم وجود خيار آخر. وقال سائق سني عرف نفسه باسم محمد إنه أحضر لتوه مواد غذائية وبضائع أخرى على متن شاحنته من الأردن الى سوقي الجملة، الشورجة وجميلة بالقرب من معاقل للميليشيا الشيعية. وسيفقد السائق السني جزءاً من أجره سيتعين عليه منحه لسائق شيعي سيقوم بعملية التسليم الفعلي. وقال: أحضرت تلك البضائع من عمان ويجب أن أسلمها هنا لأنه لا يمكنني الوصول الى أسواق الجملة في بغداد. إذا ذهبت الى الشورجة فسيقتلونني ويأخذون الشاحنة لأني سني وهم شيعة. وأردف يقول: أتمنى أن أتمكن من الذهاب مجدداً إلى المناطق الشيعية لكن في الواقع لم أشاهد بغداد منذ ثلاث سنوات

المصدر: وكالة رويترز للأنباء

July 3, 2007 Posted by | سياسة ووجع دماغ | Leave a comment